كما سلف بعد اكتمال النصر المهدوي مباشرة سيحاصره وركبه المبارك.الدجال الأعور عليه لعنات الله التامة.والإيمان بخروج الدجال واجب كإيماننا بالمهدي..ومن كفر بهما فقد كفر كفرا كبيرا:" من كذب بالمهدي فقد كفر ومن كذب بالدجال فقد كفر" فماذا عن أحاديث هذا المتأله المفتري الكذاب أولا الذي سينحره عيسى عليه السلام نحرا: وإن كهنة اليهود اليوم يرفعون شعار أمير السلام الذي عندهم هو الدجال الذي سيحقق لهم حسب زعمهم كل أمانيهم ولهذا فسيكون اليهود الذين ظلوا على كفرهم: من وزرائه عليهم اللعنة أجمعين . وللتبشير بعيسى من الواجب : أولا : الإنذار بالمسيح الدجال الأعور: فقد جاء عن رسول الله صلوات الله عليه : "يتبع الدجال من يهود أصبهان سبعون ألفا عليهم الطيالسة " رواه مسلم كما سيتبع الدجال منافقي الأمة:"يتبع الدجال من امتي سبعون ألفا عليهم السيجان " رواه البغوي وسبعون ألفا تفيد الكثرة في اجتهادنا لا العدد. ومن الأحاذيث العامة عنه لعنه الله : "يخرج الدجال على حمار أقمر ما بين يديه سبعون ذراعا" "يمكث الدجال في الأرض سبعين سنة السنة كالشهر والشهر كالجمعة والجمعة ـ أي الأسبوع ـ كاليوم ..واليوم كاضطرام السعفة في النار" " الدجال أعور العين اليسرى جفال الشعر معه جنة وناره.فناره جنة وجنته نار" " يأتي وهو محرم عليه ان يدخل المدينة..فيخرج إليه يومئذ رجل وهو خير الناس..فيقول : أشهد أنك الدجال الذي حدثنا رسول الله صلى الله عليه وسلم حديثه،فيقول الدجال :أرأيتم إن قتلت هذا ثم احييته أتشكون في الأمر.؟فيقولون : لافيقتله ثم يحييه..فيقول الرجل حين يحييه :" والله ما كنت فيك قط أشد بصيرة مني الآن..فيريد الدجال أن يقتله فلا يسلط عليه" وفي رواية فيرميه في ناره التي هي الجنة. ومما يلزم معرفته إجمالا عن الدجال: أنه شيطان إنسي او جني كاهن كذاب سيدعي الألوهية : فييسر الله له العديد من الآيات التي تفتن الناس : منها أن يحيي الموتى وينبت النبات وينزل المطر ويجفف المياه وغيرها من العلامات التي لا تثبثت لدوي اليقين ألوهيته مهما تشعود : له وجه بشع وهوأعور..والله ذو جمال وكمال.بينما هو ذو قبح بين وموصوف بكل صفات النقص مهما فتن الناس ولقب بالمسيح لأن عينه ممسوحة أو لأنه سيمسح الأرض برحلته أي يقطعها وسمي الدجال لدجله أي تلبيسه وخداعه للناس ويروى أنه جسيم أبيض أو شديد السمرة قصير أفجج جعد الرأس قطط مطموس العين اليمنى أو اليسرى متباعد الساقين كأن أنفه منقار عريض المنخر يدعي الإيمان أولا ثم النبوة ثم الألوهية من فتنه أن يسير معه جبلان : أحدهما مثمر جميل ذو ماء وآخر فيه دخان ونار تطوى له الأرض بسهولة يقطع كل الأرض في أربعين يوما ويدخل كل البلدان عدا مكة والمدينة تعينه الشياطين على ما يريد يخرج الكنوز من الخراب يخرج بالمشرق مباشرة بعد فتح المهدي للقسطنطينية ومن علامات اقتراب وقته نسيان ذكره على المنابر ولا نجاة من الدجال إلا بالعلم والعمل : أما العلم : فلتعلم أن الله تعالى لا يحد بمكان ولا زمان ولا يأكل ولا يشرب ..وجمال الله منزه عن كل قبح ودناءات هذا الدجال الملعون ..وعلمك بأحاديثه وقاية لك . أما العمل : فقد اوصى الرسول بالإستعاذة من فتنته بعد الشهادة : بأعوذ بالله من فتنة المسيح الدجال... وأن تقرأ سورة الكهف كل جمعة وعند ظهوره تقيك منه عشر آياتها الأولى..كما يجب الوقاية منه بالحرمين والمسجد الأقصى ومسجد طوى ويقيك منه أن تتفل في وجهه ..والرسول وصى بالهروب منه للبراري والجبال لأن هناك من يدعي قوة الإيمان فيتجه نحوه فتغريه الكاسيات العاريات والمعازف والفتن التي تحيط به فتستهويها نفسه فيومن به. وقد أوصى المحاربي رحمه الله تعالى بتعليم أحاديث الدجال للصبيان في الكتاب وخصوصا في هذا الزمان فنحن لهذا أحوج..وقد بدأت الناس تستحلي كل علاماته الملخصة في محبة العيش بكل دناءة والتعفن بشهوتي البطن والفرج وحب المال والجاه ..... ولن يستطيع المهدي محاربته بل سيعمل بوصية الرسول فينزوي في إحدى الجبال إلى أن ينزل عيسى عليه السلام: ثانيا:التبشيربنزول المنقد عيسى عليه السلام: من الأحاديث المروية عن رسول الله صلاة الله عليه وسلامه: ـ " والذي نفسي بيده ليوشكن أن ينزل فيكم ابن مريم حكما عدلا يكسر الصليب ويقتل الخنزير ويضع الجزية ويفيض المال حتى لا يقبله أحد حتى تكون السجدة الواحدة خيرا من الدنيا وما فيها"رواه أبو هريرة وأخرج الشيخان " لا تزال طائفة من أمتي ظاهرين على الحق حتى يوم القيامة : فينزل عيسى بن مريم فيقول أميرهم : تعال صل لنا فيقول : لا إن بعضكم على بعض أمراء تكرمة الله لهذه الأمة"عن جابر ورواه مسلم "ينزل عيسى ابن مريم إلى الأرض فيتزوج ويولد له ويمكث خمسا وأربعين سنة ثم يموت فيدفن معي في قبري فأقوم أنا وعيسى من قبر واحد بين أبي بكر وعمر" عن عبد الله بن عمر رواه ابن الجوزي وقد أجمعت الأمة على نزوله وتعبده وحكمه بالشريعة الإسلامية وهو: جميل براق الثنايا كأن وجهه يقطر لؤلؤا ينزل عند المنارة البيضاء شرقي دمشق واضعا كفيه على أجنحة ملكين إذا طأطأ رأسه قطر وإن رفعه تحدر منه جمال كاللؤلؤ ..فلا يشم ريحه كافر إلا مات.ينتهي نفسه عند انتهاء نظرته.. ينزل في السادسة صباحا: فيدخل مسجد دمشق ويصعد المنبر فتتكاثر عليه الناس من المسلمين والنصارى واليهود فيطرد اليهود والنصارى من المسجد ويصلي بالمسلمين ..ثم يخرج وركبه المبارك في طلب الدجال فيقتله بباب لد بالقدس . يدق الصليب ويقتل الخنازير والقردة ويضع الجزية ولا يقبل غير الإسلام ويترك الزكاة إذ لا يقبلها أحد ويزهد الناس في المال لاقتراب الساعة كما تظهر الكنوز في زمنه بعد المهدي ويرفع كل شحناء وتباغض ويملأ العالم سلاما ويقضي على الحروب فيبارك الله في الثمار حتى يجتمع النفر على عنقود عنب أو رمانة واحدة ..فيكون المهدي وهو ولي الله المجتهد من خواص عيسى نبي الله المعصوم المكرم وهو من أولي العزم من الرسل وعددهم خمسة: محمد ونوح وإبراهيم وموسى وعيسى عليهم أزكى الصلاة والتسليم. وعن الرسول صلى الله عليه وسلم" من أدرك عيسى منكم فليقرئه مني السلام" عن أنس أخرجه البخاري.. ومن اليقين إذن أن عيسى عليه السلام قد رفع للسماء بعد أن حاولت اليهود قتله وصلبه ..فقبضوا في مكانه على شبيه له فصلبوه كما قال تعالى:" وما قتلوه وما صلبوه ولكن شبه لهم" ومن الآيات المشيرة على إيمان أهل الكتاب به بعد نزوله:" وإن من أهل الكتاب إلا ليومنن به قبل موته" فكل أهل الكتب السماوية سيومنون به عند نزوله ولا يرتد بعضهم إلا بعد موته كما تشير الآية. ولهذا من الواجب الإيمان بعودة هذا النبي الكريم عليه الصلاة والسلام : وفتح هذا الباب كباب كبير لدعوة النصارى خصوصا لتعاليم الإسلام الحنيف.
فمباشرة بعد عيسى ستكون كل العلامات الباقية للساعة: طلوع الشمس من المغرب فيومن كل الناس لكن لا ينفع إيمان من لم يومن من قبل ..إذ يطبع الله على كل قلب بما فيه وهي أول العلامات المنذرة ببداية القيامة وبعدها لا تقبل التوبة ويغلق بابها ـ نزول دخان من السماء يغشى الناس يبقى أربعين يوما لا يصيب المومن منه إلا شبه زكام بينما يسكر الكافر من شدته ويخرج من فمه وأنفه وعينيه ودبره وأذنيه ـ دابة تكلم الناس بقلة إيمانهم تخرج بالمشرق وغالبا ما يروى أنها ستخرج بالسعودية بمكة أو قريبا منها تسم المومن بالجمال والكافر بالقبح وتطوف كل الأرض ـ خروج ياجوج وماجوج الذين سياكلون الناس ويشربون مياه الأرض حتى أنهم يجففون بحيرة طبرية ويعتون في الأرض فسادا وهم أقزام حبسهم ذو القرنين عليه السلام بسد بين جبلين بالمشرق لكن ما أن يصلوا القدس حتى يسلط الله عليهم دودا يخرج من أنوفهم فيرديهم جميعا .ثلاث خسوفات كبيرة : بالمشرق والمغرب وبجزيرة العرب ثم أخيرا نار تخرج من قعر عدن أو حضرموت تسوق الناس نحو المحشر . كما أن من العلامات الكبرى لاقتراب الساعةخراب المدينة وهدم الكعبة وسلب كنوزها من رجل يدعى ذو السويقتين من الحبشة فينفخ بعد كل هاته الفتن في الصور النفخة الأولى :وهاهنا تفنى كل الخلائق وتبدل الأرض غير الأرض ويمكث الفناء أربعين سنة ينزل الله أثناءه مطرا يحيي به الموتى وتبدل الرض غير الأرض والسماوات ..ثم ينفخ إسرافيل النفخة الثانية للحساب ...... لكن لا تقوم الساعة حتى يرسل الله ريحا يمانية شامية تقبض روح كل مومن ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس. ويروى أن عيسى لن يموت إلا بعد فناء ياجوج وماجوج حيث سيدعو بهلاكهم عليه السلام ..لكنهم سيملأون الأرض نتانة بعد هلاكهم فيدعو عيسى عليه السلام فينزل الله مطرا يطهر الأرض من جثتهم.. فتكون هاته الفترة المتبقية من عمر عيسى عليه السلام جنة أرضية . وليس هناك ترتيب مدقق لكل العلامات لكن يظهر أن أول الآيات هي الفتن التي تكلم عليها الرسول عن شتات الأمة وعلو اليهود ثم المهدي عليه السلام فالدجال فعيسى عليه السلام فياجوج وماجوج فهدم الكعبة ثم الدخان ثم ارتفاع القرآن ثم طلوع الشمس من مغربها ويحتمل سبق هاته الآية لرفع القرآن ثم خروج الدابة فنار المحشر ومن العلامات المنذرة باقتراب الساعة والمجموعة في العديد من الأحاديث: ـ أن يكون المال في يد طائفة قليلة ـ إضاعة الأمانة ـ منع الزكاة ـ تفضيل الزوجة على الأم ـ تفضيل الصديق على الأب ـ ارتفاع الأصوات في المساجد ـ زعامة الأرادل ـ إكرام الأشرار خوفا ـ تداول الخمور ـ لبس الحرير ـ اتخاذ القينات والمعازف ـ لعن الصحابة ـ كثرة الفحش والتفحش ـ تخوين الأمين وائتمان الخائن ـ انتفاخ البطون ـ كثرة القطر وقلة النبات ـ كثرة القراء وقلة الفقهاء ـ كثرة الأمراء وقلة الأمناء ـ كون الزهد رياء والورع نصنعا ـ غيظ الولد ـ كثرة مطر الصيف ـ كثرة الأشرار وتحكمهم ـ تصديق الكاذب وتكذيب الصادق ـ تقريب الأباعد وإبعاد الأقارب ـ زخرفة المحاريب وخراب القلوب ـ اكتفاء الرجال بالرجال والنساء بالنساء ـ كثرة اللواط والسحاق علانية ـ تعمير الخراب وتخريب العمران ـ كثرة الشرطة وأعوان السلطة ـ كثرة الهمزة اللمزة والغمازين ـ تسمية الخمر بالنبيذ ـ تسمية الربا بيعا ـ تسمية السحت والرشاوى هدايا ـ التعلم لغير الدين والآخرة وطلب العلم للدنيا ـ إمارة الصبيان ـ جور السلطان ـ الغش في الكيل والميزان ـ تشبه الرجال والنساء بالشياطين والشياطين بالإنس ـ الكذب على رسول الله ص ـ تربية الكلاب وتسكع الأطفال ـ عدم توقير الكبار وعدم رحمة الصغار ـ تفحش المسنين ـ علم الأراذل وجهل الأفاضل ـ مداهنة الخيار والعلماء ـ فتوى الصغار ـ قتل الأب والأم ـ رفع الوضيع وخفض الرفيع ـ كثرة الخطباء ـ ركون العلماء للسلطة والفتوى بما تأمر ـ تعلم العلم للدنيا ـ التجارة في القرآن ـ قراءة القرآن بالأجرة ـ كثرة التلاعن والإستهزاء والخفة ـ كثرة القتل والمصارعات وسفك الدم ـ نقص الأعمار والأبناء والثمار ـ قصر الأيام والليالي ـ كثرة الهرج والمرج ـ بناء العمارات والقصور ـ كثرة البغي والبغاء والرشاوى والحمية الجاهلية والبخل والعصبية ـ اختلاف الأهواء ـ تباين الآراء ـ إحداث البدع والشرور ـ اتباع الهوى ـ التسافد في الطرقات ـ تناكر القلوب ـ اختلاف الأخوين في الدين ـ الأجرة على الجهاد ـ التصديق بالمنجمين والمشعودين ـ التكذيب بالقدر ـ نكاح دبر النساء ـ سلطنة النساء ـ افتراق الكلمة وشتات الأمة ـ تعطيل الجهاد ـ اتخاذ المساجد طرقا ـ الغش ـ تحول شرار الشام للعراق وخيار العراق للشام ـ الإستخفاف بالمومنين وكثرة المنافقين ـ رفع الحياء ـ عدم استشارة أهل القرآن والسنة ـ إنكار المعروف ومعرفة المنكر ـ الإستهزاء بالصالحين ـ تحميق المتقين ـ كثرة الزلازل ـ كثرة الصواعق والأمراض ـ تحلية المصاحف ـ ترك تدبر القرآن الكريم مع كثرة التلاوة ـ كثرة الباعة مع قلة الربح ـ فشو الغيبة والنميمة ـ كثرة التسول ـ تكبر العلماء ـ اختلاف الفقهاء ـ الطعن في السلف واحتقار الخلف ـ كثرة المومسات وأبناؤهن ـ عقوق الجار ـ محبة الدنيا وقلة الزاهدين ـ إيثار الرأي على النص ـ قلة البركة ـ موت السرعة والفجاءة ـ ركوب السيارات والطائرات : المياثر ـ ظهور الكاسيات العاريات المائلات المميلات المتبرجات بشعورهن وعوراتهن ـ غلظة أعوان السلطة وضربهم للناس ـ امتناع الولاة على الرعية ـ إضاعة الصلاة ـ تعظيم الغني واحتقار الفقير ـ إهانة العلماء ـ كثرة العلم وقلة العمل ـ ائتلاف الألسن واختلاف القلوب ـ اليقظة للدنيا والدهول عن الآخرة ـ تباين المذاهب واختلاف النحل وكثرة الأحزاب ـ ابتلاء المسلمين بالشرك دون شعور ـ وغيرها من العلامات . وقد قال العلامة القرطبي :" كل ماوقع في الأخبار من الأشراط فقد شاهدناه ..وعاينا معظمه إلا خروج المهدي عليه السلام " فبذلك يؤكد كما أكد العديد من العلماء بأن كل علامات المهدي عليه السلام قد بدت ومن زمان . ولهذا يجب على كل مومن صادق الإدبار على الدنيا لأنها دار فساد قد صارت ، واستقبال الآخرة بالتوبة والعمل الصالح " فالساعة قد اقتربت لكننا عنها من الغافلين
من الواجب علينا كمبشرين بالمهدي وعيسى عليهما السلام ـ الذين بعدهما مباشرة سترحل كل أمة المومنين للآخرة ولا تقوم الساعة إلا على شرار الناس ـ من الواجب علينا أن نبشر بأكبر رجاء للمسلمين وهو نعيم الآخرة المتوج بلقاء الله تعالى : فما الدنيا إلا وقت بينما الآخرة أبد وخلود : ومهما شقينا في هاته الدنيا فإنما بلاؤنا من الله اختبار وحكمة ..وقد خلق الله المومن ليصبر في الدنيا نحو نعيم الاخرة ..ومهما قست علينا الدنيا فما هي إلا ساعات معدودة ونرحل نحو الحياة الحقة : الدنيا ساعة إجعلها طاعة والنفس طماعة علمها القناعة فما مادة الدنيا ونعيمها إلا سراب سيندثر قريبا بقيام القيامة ..ونحو آخرة الخلود يجب أن يسمو في قلوبنا الرجاء :" جنة عرضها السماوات والأرض " فما طولها ؟ وبدايتها قصور من ذهب ولؤلؤ ولباس حرير وأواني وأساور من ذهب وفضة وحور عين حسان قاصرات الطرف ثيبات وأبكار ناهدات "وإذارأيت ثم رايت نعيما وملكا كبيرا " فهاته البدايات فأين الجنة التي قال عنها سبحانه " لهم ما لا عين رأت ولا اذن سمعت ولا خطر على قلب بشر " إنهم من غرس الله كرامتهم بيده سبحانه ..فالجنة لا يمكن وصفها بل حتى الايات والأحاديث الواصفة للجنان ما هي إلا تقريبية لفهمنا الدنيوي ..بينما لا يعلم الجنة إلا رب الجنة ..فهناك جنة لا يمكن أن توصف في الدنيا ولو بالقرآن الحكيم ... لكن حتى نقرب القلوب والمشاعر نحو هذا الكرم الرباني لكم هاته الأحاديث القليلة : عن أبي هريرة رضي الله عنه قال :"قلنا يارسول الله : مم خلقت الجنة؟ قال : من الماء .قلنا : أخبرنا عن بناء الجنة. قال لبنة من ذهب ولبنة من فضة وملاطها ـ أي طينها ـ المسك الأذفر وترابها الزعفران وحصباؤها اللؤلؤ والياقوت ومن يدخلها ينعم ولا يبأس ويخلد ولا يموت ولا تبلى ثيابه ولا يفنى شبابه ".. وعنه أيضا أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قال :" إن في الجنة شجرة يسير الراكب في ظلها مائة عام لا يقطعها اقرأوا إن شئتم " وظل ممدود" وفي الجنة ما لاعين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر ..إقرأوا إن شئتم " فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز" وعن ابن عباس رضي الله عنه " في الجنة حوراء يقال لها لعيبة خلقت من أربعة أشياء : المسك والعنبر والكافور والزعفران وعجن طينها بماء الحيوان فقال لها العزيز كوني فكانت وجميع الحور عشاق لها ولو بزقت في البحر لعذب ماؤه مكتوب على نحرها : من أحب أن تكون لها مثلي فليعمل بطاعة ربي " وقال مجاهد :" أرض الجنة فضة وترابها مسك وأصول أشجارها فضة وأغصانها لؤلؤ وزبرجد والورق والثمار تحت ذلك فمن أكل جالسا أو قائما أو مضطجعا لم يؤذه ثم قرأ " وذللت قطوفها تذليلا " وعن أبي هريرة :" والذي نفس محمد بيده إن أهل الجنة ليزدادون جمالا وحسنا كما يزدادون هرما في الدنيا" وعن أبي هريرة "إذا دخل أهل الجنة الجنة ودخل أهل النار النار نادى مناد: ياأهل الجنة إن لكم موعدا مع الله يريد أن ينجزكموه ..فيقولون ماهو؟ ألم يثقل موازيننا ويبيض وجوهنا ويدخلنا الجنة وأخرجنا من النار ؟ فيكشف الحجاب فينظرون إليه ..فوالذي نفسي بيده ما أعطاهم شيئا هو أحب من النظر إليه " وروى أنس ض أن جبريل قال للرسول صلوات الله عليهما :" إن ربك اتخد واديا في الفردوس فيه كثيب من مسك فإذا كان يوم الجمعة حفت بمنابر من نور يجلس عليها النبيون وحفت بمنابر من ذهب مكللة بالياقوت والزبرجد عليها الصديقون والشهداء والصالحون وينزل أهل الغرف فينزلون من ورائهم على ذلك الكثيب فيجتمعون إلى ربهم فيحمدونه ويثنون عليه فيقول الله تعالى لهم : سلوني. فيقولون نسألك الرضا .فيقول : قد رضيت عنكم رضاء أحلكم داري وأنالكم كرامتي .فيتجلى لهم حتى يرونه فليس يوم أحب لهم من الجمعة لما يزيدهم من الكرامة ..وفي رواية : " يقول الله تعالى لملائكته أطعموا أوليائي فيؤتى بألوان الأطعمة .فيجدون لكل لقمة لذة غير ما يجدون للأخرى فإذا فرغوا من الطعام يقول الله تعالى: أسقوا عبادي .فيسقونهم فيجدون لكل نفس لذة بخلاف الآخر.فإذا فرغوا : يقول تعالى: أنا ربكم قد صدقتكم وعدي فاسألوني أعطكم فيقولون :نسألك رضوانك مرة أو مرتين أو ثلاثا .فيقول قد رضيت عنكم ولدي المزيد. اليوم أكرمكم بكرامة أعظم من ذلك فيكشف الحجاب فينظرون إليه ما شاء الله فيخرون له سجدا ويظلون في السجود ما شاء الله . ثم يقول: ارفعوا رؤوسكم : ليس هذا موضع عبادة فينسون كل نعمة كانوا فيها ويكون النظر إليه تعالى أحب لهم من كل النعم .ثم يرجعون فتهيج ريح من تحت العرش على تل من مسك أ بيض فينثر ذلك على رؤوسهم ونواصي خيولهم فإذا رجعوا إلى أهليهم يرونهم أزواجهم في الحسن والبهاء أفضل مما تركوهن فيقلن لهم : إنكم قد رجعتم على أحسن ما كنتم " وقال عكرمة ض :" أهل الجنة كأمثال اولاد ثلاث وثلاثين سنة رجالهم ونساؤهم والقامة ستون دراعا على قامة أبيهم آدم عليه السلام شباب جرد مرد مكحلون عليهم سبعون حلة تتلون كل حلة في كل ساعة سبعون لونا فيرى وجهه في وجه زوجته وفي صدرها وفي ساقها وترى هي وجهها في وجهه وصدره وساقه ..لو أطلعت امرأة من أهل الجنة كفها لأضاءت ما بين السماء والأرض " قال رسول الله ص عن زيد بن الأرقم ض :" ..إن أحدهم ـ أي أهل الجنة ـ ليعطى قوة مائة رجل في الأكل والشرب والجماع ..حاجة أحدهم عرق كريح المسك " قال رسول الله ص في قوله تعالى " طوبى لهم وحسن مآب " عن متعب بن سمى : " طوبى شجرة في الجنة ليس في الجنة دارا إلا يظلها غصن من أغصانها فيه ألوان الثمار ويقع عليها طير كأمثال البخت فإذا اشتهى أحدهم طيرا دعاه فوقع في خوانه وأكل من أحد جانبيه قديدا ومن الآخر شواء ثم يعود طيرا فيذهب " وقال رسول الله ص عن أبي هريرة ض :" أول زمرة تدخل الجنة من أمتي على صورة القمر ليلة البدر ثم الذين يلونهم على صورة أشد نجم في السماء أضاءت ثم هو كذلك لا يبولون ولا يتغوطون ولا يبزقون ولا يمتخطون أمشاطهم الذهب ومجامرهم الألوة أي العود ورشحهم المسك وأخلاقهم على أخلاق رجل واحد على طول أبيهم آدم عليه السلام ستون دراعا " عن ابن عباس أن رسول الله صلوات الله عليه قال :"إن أهل الجنة شبان جرد مرد ليس عليهم شعر إلا في الرأس والحاجبين وأهذاب العينين على طول آدم ستون دراعا وعلى مولد عيسى عليه السلام ثلاث وثلاثين سنة بيض اللون خضر الثياب يضع احدهم مائة بين يديه فيقبل طير يقولون يا ولي الله أما إني قد شربت من عين السلسبيل ورعيت من رياض الجنة تحت العرش وأكلت من ثمار كذا طعم أحد الجانبين مطبوخ والآخر مشوي فياكل منها ما يشاء ..وعلى الولي سبعون حلة ليس فيها حلة إلا على لون آخر في أصابعهم عشرة خواتيم مكتوب في الأول : سلام عليكم بما صبرتم .وفي الثاني : ادخلوها بسلام آمنين . وفي الثالث :وتلك الجنة أورثتموها بما كنتم تعملون .وفي الرابع : رفعت عنكم الأحزان والهموم . وفي الخامس : ألبسناكم الحلي والحلل . وفي السادس : زوجناكم الحور العين .وفي السابع: ولكم فيها ما تشتهي الأنفس وتلذ الأعين وأنتم فيها خالدون .وفي الثامن : رافقتم النبيين والصديقين .وفي التاسع : صرتم شبابا لا تهرمون .وفي العاشر: سكنتم في جوار من لا يؤذي الجيران " وعن النبي صلوات الله وسلامه عليه: " من يسأل الله ثلاث مرات أن يدخله الجنة قالت الجنة : اللهم ادخله الجنة .ومن استجار ثلاث مرات من النار قالت النار اللهم أجره من النار . وعن أنس عن النبي صلوات الله عليه : إن في الجنة أسواقا لا شراء فيها ولا بيع يجتمعون فيها حلقا حلقا يتذاكرون كيف كانت الدنيا وكيف كانت عبادة الرب وكيف كان فقراء أهل الدنيا وكيف كان أغنياؤها وكيف كان الموت وكيف صرنا بعد طول البلى إلى الجنة " وعن ابن مسعود:" يرد الناس جميعا الصراط ..ثم يمرون بأعمالهم فمنهم من يمر مثل البرق ومنهم من يمر مثل الريح ومنهم من يمر مثل الطير ومنهم من يمر كأجود الخيل ومنهم من يمر كأجود الإبل ومنهم من يمر كعدو الرجل حتى أن آخرهم رجل يمر على إبهامي قدميه يتكفأ به الصراط: والصراط حضن مزلة كحد السيف عليه حسك كحسك القتاد على حافتيه ملائكة معهم كلاليب من نار يختطفون بها الناس فمن بين مار ناج ومن بين مخدوش ناج ومن بين مكدوش في النار والنبيون يقولون :" رب سلم رب سلم" ..فيمر رجل وهو آخر أهل الجنة دخولا فإذا جاز الصراط رفع له باب من الجنة فلا يرى له في الجنة مقعدا فإذا نظر إليها قال رب أنزلني هاهنا فيقول الله تعالى : لعلك إن انزلتك هنا تسألني غيره فيقول :لا وعزتك ..فينزله.فيرفع له في الجنة منازل فيتحاقر إليه ما أعطي مما رأى فيقول رب أنزلني هناك فيقول : لعلك إن أنزلتك هنا تسألني غيره .فينزله .ثم يرفع له في الجنة حتى الرابعة فيتحاقر إليه كل شيء أعطي فيسكت فلا يسأل شيئا فيقول الله تعالى : سألت حتى استحييت ..لك مثل الدنيا وعشرة أمثالها فهذا هو أوضع أهل الجنة منزلا " عن ابن مسعود" كان رسول الله لا يتحدث بهذا إلا ضحك حتى بدت نواجده" وفي الخبرأن المومنات من نساء الدنيا يفضلن الحور العين بل هن ملكاتهن في الجنة . ولهذا بعد معرفة هذا الجزاء العظيم من الواجب العمل به واجتناب كل ما يجعلنا نخسره إذ قال الله تعالى :" وأما من خاف مقام ربه ونهى النفس عن الهوى فإن الجنة هي المأوى " فالطاعة كل الطاعة في اجتناب ما تهواه النفس من ملذات وشهوات ونعيم الدنيا إذ قال الرسول صلوات الله عليه :" حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " فطريق الجحيم والعذاب في الآخرة كلها شهوات في الدنيا ..بينما طريق الجنة كلها صبر واحتساب واجتهاد في الطاعة ..فاعملوا للجنة " ألا إن سلعة الله غالية ألا إن سلعة الله الجنة " فهناك من يقضي كل حياته مجتهدا جادا متيقظا للعمل لبناء منزل متواضع في الدنيا ..بينما بناء القصور الخالدة تتناسى وذلك والله لقلة الإيمان : وما قوي الإيمان إلا أصبح كل ما قلناه عن الجنة يقيناوأثمر هذا اليقين جدية في طلب الدار الآخرة وذاك هو حق اليقين الذي يجب أن نصدق به لعلنا نراه في الدنيا قبل الآخرة بعين اليقين فشمر يا طالب الهدى والنور : فلمادة ونعيم الخلود ندرسك.ولرب الخلود نريد منك المحبة: إذيقول سبحانه :" يا بن آدم أنا لك محب فبحقي عليك كن لي محبا " اللهم اجعلنا من أحبابك.آمين.
إعلم وفقك الله أن الإنسان القديم كان يعيش مئات السنين حتى ان نوحا عليه السلام قضى تسعمائة وخمسين عاما في دعوة قومه ..ورغم ذلك لم يركن للدنيا رغم طول عمره فيها فقال عنها : كأني دخلت من باب وخرجت من آخر .وقد سمع عن أمة محمد ص وقصر أعمارنا فقال :" لو كنت منهم لحفرت قبري وجلست أعبد قربه " فالرسول صلوات الله عليه قال "أعمار أمتي بين الستين والسبعين " ورغم ذلك فالإسلام دين وسط واعتدال وقد أباح لنا كل المتع والنعم الحلال ..لكنه حرم علينا كل شهوات الأنعام والبهائم الحرام ..وبهذا يكسب المسلم العاقل كل الطاقة اللازمة للإجتهاد في العبادة فالرسول صلوات الله عليه يقول : " ساعة وساعة " أي حينما تثقل عليك العبادة فعليك بسويعة للراحة .ويقول صلوات الله عليه :" للنفس إقبال وإدبار فإذا اقبلت فتنفلوا وإذا أدبرت فعليكم بالفريضة" وبهذا يستطيع المومن ان يوفق بين لوازم دنياه ومستلزمات آخرته دون طغيان : لكن كلما قوي الإيمان زاد يقينه وكلما ازداد يقينا كلما بدت له الدنيا على دناءتها فيزهد في المتع والشهوات واللهو الزائدة ولو كان بعضها حلالا وذاك مقام الورع الذي غالبا ما يتشبت به المومن الصادق بعد الأربعين :وهو يحس أن موته اقترب فيزداد خوفا ورجاء في الرحيم الرحمان وكلما قوي هذان الركنان كلما استبشر بآخرته واستعد لها بالعمل الصالح والتوبة النصوح والتوجه للعبادات بشتى شعبها ..ويظن اللاهون أن العابدين في عناء ومشقة وهم يرونهم مشمرون للمساجد بعيد عن دور لهوهم ودناءتهم ..في حين لو علم اللاهون بما يتمتع به العابد من سكينة وطمأنينة وراحة بال لاجتهدوا أكثر منه " لكن الإنسان عدو ما جهل " فأنت تبحث على السعادة : ولا سعادة لك كالتلذد بحلاوة الإيمان ولذة العبادة لحد سكينة الروح وطمأنينة النفس وراحة البدن ورجاحة العقل وطهارة القلب ..بينما سعادة العاصي والكافر إنما هي فرح أحمق بل شقاء في ثوب لذة والله . فالمومن الحق تكون الدنيا نعيم له قبل الآخرة ..بينما العاصي والكافر فالدنيا جحيمه قبل الآخرة وهو لا يشعر : فشمر يا طالب الهدى والنور على تحقيق سعادتك بالإيمان لا غير : فلا يكون فرحك إلا بالله ورحمته وفضله "فبفضل الله ورحمته فبذلك فليفرحوا ذلك خير مما يجمعون" . ففي ملكك السعادة الدنيوية والأخروية معا :فــ " من فضل الآخرة على الدنيا ربحهما معا ومن فضل الدنيا على الآخرة خسرهما معا" وبنزين كل هذا هو كثرة ذكرك لله" ألا بذكر الله تطمئن القلوب " وأي سعادة كطمأنينة القلب وسكينة الروح وحكمة الفكر وطهارة القلب ؟. فلذلك شمر ..ولا بد من الصبر بداية لتنال نعيم الدنيا والآخرة نهاية. إذاك يغمرك التفاؤل بمصيرك دنيا وآخرة وتنزاح عنك كل الضبابيات والظلاميات وتكتمل لك النورانية يا طالب النور ..والنور اسم من اسمائه سبحانه وتعالى ..والإيمان نور والقرآن نور والذكر نور والحكمة نور والعمل الصالح كله نور إن أكثرت منهم غمرتك الأنوار بل وكنت نورا .. وذاك منا الرجاء: لتبشر بدورك بهذا النور الذي ستذوق أو ربما قد ذقت ..مشتاقا لربك النور سبحانه وفرحا بلقائه "ومن أحب لقاء الله أحب الله لقاءه" وما الدنيا إلا ثواني ..فالبارحة كنت طفلا واليوم شابا أو رجلا وقريبا ستصير شيخا هرما : فلا تضيع ما تبقى من ثواني فما حياتك إلا ثواني متراكمة تنسيك اقتراب الأجل: فتوجه نحو الخلود لكن دون تنطع وجهد المستطاع:" لا يكلف الله نفسا إلا وسعها" والله لم يكلفك إلا بما في استطاعتك " والمنبت لا أرضا قطع ولا ظهرا أبقى" فهندس خطواتك وحدد الهدف تصل بعون الله إن استغثت به حقا: فأنت مهدد بجهنم ..لكن وموعود بالجنة ..والزهد في الدنيا والعمل الصالح يزيدك استبشارا بحسن المصير ..والتكالب على المعصية والحلال يرديك دنيا وآخرة ..ولك عقل فزن تتوازن.وإن توازنت استبشرت بلقاء الله وبعمرك القصير بل وبشرت